والقت عليه معطفا كان بيدها وقالت له خذه فلا اريد ما يذكرني بك فلم اعد اطيقك ولا اطيق ان اسمع بسيرتك فقد كانت غلطة ولن اكررها مع غيرك فدعك من ان تدعي حبي فالحب لا يجوز من طرف واحد واستدارت بغضب وهرولت بخطواتها الصغيرة القصيرة فهي لم تزل في سن صغيرة لكنها لا تخلوا من الفضول كما بقية البشر وتريد ان تعرف ماذا تعني كلمة حب وحبيب لمجرد المعرفة ظنا منها ان المسئلة بهذه البساطة واعتقدت ان العشق ثوب تلبسه وتنزعه متى تشأ واعتقدت بعقلها الصغير ان الرجال طوع النساء متى شآئت الا انها كانت بواد والحقيقة بواد آخر فما الحب إلا للحبيب ألأولي فمهما احبت من الرجال ستبقى ذكرى الحبيب الأول محفورة بذاكرتها شآئت ام ابت ويقال ان البادي اظلم فقد كانت هي من بدأت بإرسال إشارات الرغبة في التعارف عندما كانت تزورهم مع أهلها ويزورهم مع اهله ايضا فقد كانت تقف بوجهه والى جانبه وتضع نفسها امامه في كل موقف وكل زاوية حتى ضمنت تسليمه للأمر الواقع وبعد ان اذعن لها وتركها تتصرف فهو ايضا يرى انها تسلب الألباب بجمالها وسرعة بديهتها وحيويتها الا انه يشعر بالحرج لانه ليس كبيرا بدرجة تسمح له ان يتورط في مثل هذه الأمور الا ان الموضوع خرج من يده وانهار بسرعة غريبة فإغرائها لا يقاوم وانقاد لها بسلاسة واخذ يصحح كل كلمة تقولها ولا يعارضها بشيء فقد غلت مشاعر الحب ولا مجال للتراجع فقد اصبح يتحدث مع الرجال وكأنه ابن الستين سنة فلقد نضج قبل النضوج فنار العشق قوية بما يكفي واصبحت الجوالات موصولة بالشاحن ليلا نهارا فلا بطاريات تنفع في هذه الحالة وزاد الطين بلة انهم اكملوا بناء منزلهم الجديد قرب الحبيب فلم يعد للجوال قيمة واصبح اثرا بعد عين فنافذتها مقابل نافذته ويكفي اشارة واحدة ليلتقيا خلف باب او مكان يضمن السرية ويدخلان في حوارات وتنهدات وكلمات مفهومة وغير مفهومة لكن فراقهما طال وبدت عليه علامات الضعف واخذ يتصنع الضحك والسعادة وهو يهوي الى الاسفل ثم مالبث ان استقرت حالته قليلا واخذ يعود الى حياته ببطء اما هي فقد كانت تكابر وتعاند وتقول لنفسها أنه لم يكن يستحق حبها وهي تعاني من حرقة وحسرة تنكىء الجرح الذي عذبها كثيرا وتخلوا لنفسها ثم تذرف دموع الكبرياء الزائفة وتحاول ان تجد مايشغلها عما صنعته بيدها الا انها تتذكر حلو الكلمات وعذب الهمسات وجميل الإبتسامات وكل ما يصنعه عاشقين من ندى الكلمات وعبير الأشواق ثم تعود للتنهدات وتشيح بوجهها عن الستارة حتى لا تحترق من حر أنفاسها وتلوم نفسها على تسرعها بالهجر لمن لم يخطيء بحقها ما يستحق ان تهجره بسببه فكل ما حدث اختلاف لايدعوا الى الهجر ونكران الماضي وتدور حول نفسها مرات ومرات علها تنسى الا ان ذلك صار محالا فقد سبق السيف العذل وعليها ان تبحث عن مخرج فليس الرجال تجارب لها وتقرر كسر الحواجز فلم تعد تستطيع ان تقف او تجلس وتخرج مسرعة الى الشارع متجهة الى بيت من ارهقها حبه لكنها لا تصل فقد دخلت في غيبوبة بعد ان صدمتها سيارة مسرعة وضلت لعدة أيام على هذه الحال ويزورها مع اهله ويمسح بعض الدموع المتبقية من احزانه الماضية وفي احدى الزيارات يثور جدل بين والدها ووالدتها ويحاول ابو الولد ان يفض الخلاف الا ان امها تبداء بالبكاء والعويل وتأخذ بلوم ابيها فلو ذهب بها الى الخارج قبل ان تتفاقم حالتها ويكثر الجدل فيبرز من في قلبه شيأ من الماضي ويسود الصمت فيقول ودون خجل زوجوني بها ودعوها فأنا كفيل بعلاجها ويسود الصمت مرة ثانية وينظر الحظور لبعضهم علهم يجدون تفسيرا لهذا وتهمهم والدتها بكلمات تكاد تكون مفهومة فهي من يعرف حقيقتها وماتعانيه في ما مضى وبخبرتها ادركت ان سبب تدهور صحة ابنتها هو ذلك الفتى وتتنهد ثم تقولها بكل صراحة ان سبب شقاء ابنتي هذا الفتى فزوجه بها ودعه يثصرف كما قال فحتى لو شفيت من الحادث فإنها لن تشفى من حب هذا الولد ويصمت والدها ولا يعرف ماذا يقول ويقطع صمته والد الفتى عندما قال مالي وكل ما املكه تحت تصرفك ياولدي فقد اعجبه بهذه الجراءة فضحك والدها ونظر الى الولد وقال له كل هذا يحدث ونحن في غفلة عنكم إذن الأمر هكذا ونظر الى امها وقال كنتي تتسترين عليهم قالت لا لكنني كنت اعرف الطرف الاول ولا اعرف الطرف الثاني لكنني عرفته الآن قال والدها لوالد الفتى اسعفني بمشورتك فلم اعد امتلك القدرة على التفكير قال والد الفتى زوجه وحل هذه المشكلة وانا اتكفل بعلاجها فدعها لنا فوافق وهو في حيرة من امره فكيف وماذا ودارت برأسه اسئلة لا يعرف لها اجابة إلا انه وافق وانتهى الأمر ونقلها الفتى الى الخارج ووالدتها معهما ووالدته ايضا ومرت الأيام وهي في مايشبه الغيبوبة وتضايق فتاها ونقلها الى بلد آخر وبداءت تتحسن حالتها وافاقت وهو يطبع على خدها قبلة فنظرت اليه ثم ابتسمت ثم بكت ثم ضحكت لكنه ظل صامدا لبرهة ثم اجابها وفعل مثل ما فعلت وتعانقت الآهات قبل الحسرات بإن اطلق سراحهما بعد ان كانا محبوسين في حنايا اضلاعهما واستبشرت الأحزان بكسر قيدها وتحررها من مستعمر اطال وامعن في استعمارها ودخلت السعادة ذليلة الى سجنها في قلبيهما الصغيرين الى الأبد. الكاتب:deef